--------------------------------------------------------------------------------
المبحث الأول: الإطار الجغرافي لوادي سوف
المطلب الأول :المـوقع
سوف أو منطقة وادي سوف منطقة تشمل على الكثير من القرى والمد اشر المتناثرة هنا وهناك وقاعدتها مدينة الوادي معبر عنها بمدينة الألف قبة وقبة الواقعة مسافة مائتين وعشرين كيلو مترا جنوب مدينة بسكرة .
ويقع إقليم وادي سوف جنوب شرق الجزائر ، وينتمي إلى العرق الشرقي الكبير ويضم 22 بلدية كما يشكل الآن ولاية الوادي مع منطقة وادي ريغ .
يحدها شمالا كل من ولاية تبسه ، خنشلة ، بسكرة ودائرة مغير وغربا كل من دائرتي تقرت وجامعة ، وجنوبا ولاية ورقلة ، وشرقا الجمهورية التونسية .
وتمتد أراضيها من الجنوب إلى الشمال بين دائرتي عرض 31- 34 شمالا و بين خطي طول 6- 8 شرقا و تبلغ مساحة وادي سوف الإجمالية 82.000 كم2, أما سكانها فيفوق 280.000 نسمة يتميز مناخها بالطابع الصحراوي الجاف و الحار. و في الغالب تجتاح المنطقة رياح في فصل الربيع . و قد تجتاحها رياح جنوبية حارة في فصل الصيف المسماة برياح السموم .
والإقليم محاط طبيعيا بثلاث شطوط و هي شط وادي ريغ بالغرب, و شطوط مروانة و ملغيغ و شط الغرسة من الشمال و شط الجريد من الجهة الشرقية .
المطلب الثاني:أصل التسمية
وادي سوف مركبة من كلمتين "وادي" و "سوف" , و يعطي هذا الاسم عدة دلالات تتوافق مع طبيعة المنطقة و خصائصها الاجتماعية و التاريخية.
*دلالات كلمة "وادي":
و تمثل اليوم المركز الإداري للولاية و سميت بذلك :
لان أهل الوادي يتميزون بالنشاط و الحيوية و تتسم حياتهم بالتنقل للتجارة في سفر دائم , فشبهوا بجريان الماء في محله الذي يدعى الوادي.
و معناه أيضا وادي الماء الذي كان يجري قديما في شمال شرق سوف , و هو نهر صحراوي قديم غطي مجراه الآن بالرمال .
و قيل أن قبيلة طرود لما دخلت هذه الأرض و شاهدت كيف تسوق الرياح التراب في هذه المنطقة قالوا : إن تراب هذه الجهة يشبه الوادي في الجريان .
كما أطلقت التسمية عندهم على مواطن أخرى في الجهة الجنوبية الغربية مثل "وادي العلندة" و "وادي الترك".
و ذكره العدواني في القرن 17 م باسم "غديرة النيل" بقوله قال الراوي : ثم انحدروا إلى سوف و كان فيها يومئذ غديرة النيل...." .
و فيما بعد صارت كلمة "الوادي" تطلق على عاصمة الإقليم و المركز الإداري لسوف كلها و هي مدينة الوادي .
*دلالات كلمة "سوف":
و لها عدة معان منها:
تنسب إلى كلمة السيوف و أصلها كلمة سيف أي السيف القاطع , و أطلقت على الكثبان الرملية ذات القمم الحادة الشبيهة بالسيف.
و قيل نسبة إلى الصوف فأهلها منذ القدم يلبسون الصوف إضافة إلى ذلك كانت مستقرا للعباد من أهل التصوف يقصدونها لهدوئها.
و قيل أن طرود قدموا إلى هذه المنطقة و قالوا نسكن تلك السيوف و هي الأحقاف و الكثبان الرملية و بمرور الزمن حذفت الياء فصارت تسمى "سوف".
إضافة إلى أنها كانت موطنا لرجل صاحب علم و حكمة يدعى "ذا سوف" فنسبت إليه.
و أول من ذكره بهذا الجمع "وادي سوف" هو الرحالة الاغواطي في حدود 1829. و انتشر فيما بعد على يد الفرنسيين اثر دخولهم للمنطقة , فذكره الدكتور ايسكار في تقريره الطبي سنة 1886.
و يعني أيضا النهر المائي فالأساطير القديمة تطلق الكلمة على نهر كان يجري بالمنطقة من الشمال نحو الجنوب و يدعى "واد أزوف" أي النهر الرقراق و الذي غار في أعماق الأرض و لم يبقى إلا مكانه فتغير اسمه إلى "وادي سوف".
المطلب الثالث:بنية المجتمع السوفي
لقد كان مجموع السكان في المجتمع السوفي ينتسبون إلى العنصر العربي من قبائل هلال و سليم , و بالذات إلى طرود و عدوان . و يمكن آن نميز خلال القرن 19 أن المجتمع السوفي ينتمي إلى "عرشين كبيرين هما طرود و عدوان" تطورت منهما التركيبة السكانية التالية:
عرش طرود :
وقد توزع إلى قبيلتين هامتين عمرتا مدينة الوادي و ضواحيها وهما :
الأعشاش :
وهم ينحدرون من فرع من بني سليم وكانوا بدوا هاجرو من الصحراء العربية حتى وصلوا إلى نفزاوة التونسية ثم هاجروا إلى سوف واستقروا بها ، وهم يتفرعون إلى عدة فصائل وعمائر منها الأصلي والمنتسب وهم أولاد أحمد ، و أولاد جامع و الفرجان والربا يع ، أما قبيلة القطاطية فهي الوحيدة التي قدمت في القرن التاسع عشر .
المصاعبة :
هم من بني سليم ، وصلوا إلى المنطقة في نفس الوقت مع أولاد جامع والفرجان، ويرى بعض الكتاب أن "المصاعبة " تحمل اسما بربريا يرجع إلى قبيلة " ماسوفة" القديمة ، إلا أن مظاهر حياتهم جعلتهم عربا متمسكين بعروبتهم ، ومــن فصائلهم العزازلة والشبابطة و القرافين أما الشعانبة فقد قدم بعضهم في القرن التاسع عشر في حدود 1886 وهم العائلات المهاجرة من ورقلة من أولاد عمران.
عرش عدوان :
وكانت الزقم عامرة بهم.ثم اختلطوا مع قبائل أخرى وارتبطوا مع بعض القبائل لمجاورة لهم وتشكل منهم حينئذ ما يلي :
أولاد اسعود :
وأصلهم الأول يرجع إلى سكان تاغزوت الذين وقع لهم خلاف مع أحمد الشابي التونسي ، وصل إلى حد العداوة والاقتتال ، فلما طالبوا المشورة من رجل شريف يسكن بينهم يدعى " الشيخ اسعود " أمرهم بتوحيد كلمتهم وتسليم قيادتهم أليه قائلا لهم " ... و أنا سيدكم و أنتم أولادي ...ولا تسموا أحدا ألا باسم أولاد اسعود " ، فشاع الخبر في كافة القبائل وسارت الركبان بهذا الاسم. وانضمت إليهم قرى أخرى ، فسار أولاد اسعود هم سكان القصور في الحضر في قرى كوينين و تاغزوت و الزقم و ورماس و سيدي عون . و كل سكان هذه القرى خليط من عرشي طرود و عدوان .
سكان القرى والمدن الباقية :
و هي قمار و الدبيلة والبهيمة إضافة إلى عميش و الرقيبة ووادي العلندة ، و غيرها من التجمعات السكانية التي ظهرت خلال هذا القرن ، وهي مزيج من عرشي عدوان وطرود.
والجدير بالقول أن كثيرا من العائلات تتباهى بانتسابها إلى الأشراف الذين ينتمي نسبهم إلى فاطمة الزهراء بنت النبي صلى الله عليه وسلم ، وتجد ذلك في شجرات النسب التي تملكها العائلات في القرن التاسع عشر و في نهاية نسب كل عائلة السياق الموالي " ... بن إدريس الأصغر بن إدريس الأكبر بن عبد الله الكامل بن الحسن السبط بن فاطمة الزهراء بنت سيدنا محمد ومولانا صلى الله عليه وسلم "
ومن هؤلاء نجد مثلا أولاد العوامر و المراغنية، وأولاد انصير،وسيدي عبد الله ، وأولاد الشريف، ومعظم هذه العائلات لها ارتباط وثيق بالتصوف وتلعب أدوارا هامة في توجيه السكان وكسب ودهم .
وقد تطورت العلاقات بين بعض القرى إلى عداوات وحروب طاحنة ، مثلما وقع بين الزقم و البهيمة ، وبين تاغزوت وقمار، ولم تتوقف هذه الخصومات إلا في النصف الثاني من القرن التاسع عشر ، وترجع أخ واقعة بين قمار و تاغزوت إلى عام 1871.
أما التطور السكاني للمجتمع السوفي فهو يفتقد إلى إحصائيات في النصف الأول من القرن التاسع عشر ، بسبب غياب السلطة الفعلية التي تهتم بهذا الجانب ، ووجد ذلك في النصف الثاني بظهور إحصائيات تقريبية قام بها المستعمر فور اتصاله بالجهة من أجل خدمة أغراضه الاستعمارية ومنها :
1)- معرفة الإمكانيات البشرية ، ودراسة طبيعة السكان ، وتقدير إمكانياتهم لان الصراع يقتضي تحديد هذه الإمكانيات حتى يمكن وضع الخطط الاستعمارية لمواجهتها .
2)- حصر الإمكانيات البشرية من أجل الاستفادة منها واستثمار بعض عناصرها لخدمة الاستعمار عسكريا واقتصاديا .
3)- التحكم في التحركات التي يقوم بها السكان في هذه الصحراء الواسعة .
و الجدول التالي يوضح هذا التطور في النصف الثاني من القرن التاسع عشر .
السنة
عدد السكان
الكثافة السكانية
1854
18000 ساكن
0.21 ن/كلم2
1887
21018 ساكن
0.25 ن/كلم2
1900
32700 ساكن
0.39 ن/كلم2
جدول تطور سكان وادي سوف وكثافتهم مابين 1854-1900
المبحث الثاني: ظروف و مراحل الاحتلال الفرنسي لوادي سوف
المطلب الأول:واقع الجنوب الشرقي أثناء التوغل الفرنسي (1830-1853 ):
كان واقع احتلال مدينة الجزائر واستسلامها للفرنسيين في 5 جويلية كبيرا على أهل وادي ريغ وسوف إذ ترك في نفوسهم الاضطراب والهلع ، و عاشت المنطقة بأكملها في حروب واضطرابات دامت 3 سنوات ، إذ تغلبت لغة الصراع على السلطة وعلى الأوضاع السائدة يومئذ ، ودب الخلاف والتنافس في نفوس رؤساء القبائل.
وشرعت فرنسا مباشرة في عملية" الاستيطان الحر" ، إذ قام المستثمرون الأثرياء بابتياع المقاطعات و هاجر الفلاحون من اسبانيا إلى الغرب الجزائري ، ومن مالطا وإيطاليا و وكوريساكا إلى الشرق الجزائري ، لأن الجزائر صارت من الممتلكات الفرنسية كما أعلن الملك لويس فيليب سنة 1834 . وتقرر في عام 1840 احتلال البلاد كلها ، وعين الجنرال بيجو حاكما عام (1841 ) فاستهل حكمه بتطبيق الاستيطان الرسمي في مختلف أنحاء لبلاد بما فيها الجنوب و بدأ هذا الاستيطان يتضخم بسرعة بين عامي 1848-1852.
و بدأت القوات الفرنسية في الزحف شرقا وغربا وجنوبا واصطدمت قواتها بمقاومات شعبية أخرتها عن الوصول إلى لجنوب حوالي عشرين سنة و أهمها مقاومة الحاج أحمد باي (1830-1848) ومقاومة الأمير عبد القادر (1832-1847) إلا أن نتائج الأحداث كانت مأساوية وانتهت بتوغل الفرنسيين نحو الجنوب ومنها منطقتي وادي ريغ ووادي سوف .
المطلب الثاني: ظروف الاحتلال الفرنسي لوادي سوف :
إثر احتلال فرنسا لقسنطينة بدأت تفكر في مواصلة الزحف نحو الجنوب الشرقي، والتوغل في أطراف الصحراء ومنها منطقة "وادي سوف" بالخصوص وذلك راجع لعدة اعتبارات إستراتيجية وسياسية وأمنية وعسكرية منها :
استكمال عملية التوسع وبسط النفوذ في بقية أجزاء الجزائر ، لاستغلال ثرواتها، وتوطين أعداد من المستوطنين الأوربيين .
تحول المناطق الصحراوية الجنوبية إلى معاقل للثوار ، وملجأ للمقاومين الذين يأوون إليها لاسترجاع أنفاسهم وإعداد قوتهم للانقضاض مرة أخرى على جحافل الجيش الفرنسي ، كما كانت ملاذا أمنا للهاربين من المتابعات الفرنسية في الداخل أو الأجانب الفارين من أنظمة الحكم في ليبيا وتونس .
3) إن مناطق الجنوب وخاصة" وادي سوف " مثلت مركزا هاما ، يقدم الدعم المادي و المعنوي للثائرين بتزويده بالمال والسلاح والرجال
4) إن إقليم " وادي سوف " كان منطقة عبور إلى تونس وطرابلس ، وهو فضاء مفتوح يسهل التنقلات بمختلف أشكالها مما يجعل لحدود الجنوبية والشرقية غير أمنة في نظر الاستعمار الفرنسي .
5) استعداء المقاومين الشعبيين ، و الحكام المحليين في الصحراء لبايات تونس ضد فرنسا ، وطلب الدعم و المؤازرة منهم مثلما فعل الحاج أحمد باي سنة 1838 ، وسلطان تقت سلمان الجلابي سنة 1853 .
6) السعي الفرنسي الحثيث في إطار الصراع مع القوى الأوربية المتنافسة للهيمنة على تونس وليبيا ، يدعوها إلى التوغل نحو الجنوب الجزائري حتى تكون قواتها على مقربة من حدود تلك البلدان ، حتى تستغلها في وقت الحاجة لصد القوات التونسية المنهزمة نحو الجنوب ، عندما تتمكن من غزو تونس عبر البحر الأبيض المتوسط أو من الجهة الشمالية الشرقية للجزائر.
المطلب الثالث:مراحل الاحتلال الفرنسي لوادي سوف
قد شرعت فرنسا في تطبيق مخططاتها الاستعمارية الاستيطانية في لجنوب الصحراوي ، وفق سياسة المراحل التي دامت أكثر من أربعين سنة و التي يمكن حصرها في المراحل الهامة التالية :
المرحلة الأولى (1832-1852): الدراسات التاريخية و الرحلات الاستطلاعية الفرنسية
كانت "وادي سوف " تابعة لإمارة بني جلاب مرتبطة بها كثيرا في عملية الغزو والاحتلال وكان أول اتصال قد تم بين الإمارة الجلابية و السلطات الفرنسية الغازية في عهد الشيخ علي الكبير بن محمد الجلابي الذي عرض خدماته على الفرنسيين عام 1833 ، لكنه لم يلقى نهم الترحيب ، وكانت مبرراته قوية عند رفضهم التعاون معه في هذه المرحلة ، بسبب جهلهم الكبير بالواقع السياسي و الطبيعي لهذه المناطق الصحراوية النائية ، وهذا دفعهم بإلحاح خصوصا بعد احتلالهم مدينة قسنطينة سنة 1837 ، إلى إرسال بعثات استطلاعية لاكتشاف خبايا هذه المناطق .
و الجدير بالذكر أن قيام الفرنسيين بجمع المعلومات ومباشرة الدراسات التاريخية على الجنوب انطلق منذ الأيام الأولى للاحتلال بترجمة الرحلات التي قام بها المسلمون مثل رحلة العياشي و الاغواطي و الدرعي ، ونشرت على أوسع نطاق للاستفادة منها سياسيا وعسكريا .
لقد ترجم دافيزاك رحلة الأغواطي من الانجليزية إلى الفرنسية ونشرتها مجلة "أخبار الرحلات الجديدة " في نوفمبر 1832، وتتعرض هذه الرحلة إلى وصف دقيق للواحات وطرق المواصلات في الجنوب ، واحتوت على معلومات معتبرة تهم منطقة وادي ريغ وسوف و غدامس وغيرها من المناطق المجاورة ، ورافق دافيزاك هذه الدراسة بخريطة جغرافية هامة توضح المعالم الرئيسية ممثلة في طرق المواصلات القديمة وكيفية استغلالها من طرف فرنسا في المستقبل.
وتكونت لجنة علمية فرنسية في عام 1839 ضمت عددا من العلماء والضباط العسكريين للبحث في مختلف جوانب الحياة بالجزائر ومنها العلاقات مع أفريقيا وهكذا درس العقيد كاريت الطرق التجارية التي سلكها العرب في الصحراء.
وبعد احتلال بسكرة في مارس 1844 شرعت السلطات الاستعمارية في استغلال تلك المعلومات ودعمتها ببعثات ذات طابع تجاري في ظاهره , وذلك عندما انطلقت قافلتان من بسكرة يوم 13 جويلية 1844 بهدف التعرف على أسواق المدن الداخلية فاتجهت واحدة إلى تقرت والثانية إلى عين صالح.
ويتضح أن فرنسا بعد احتلالها لبسكرة توقفت عن التغلغل وتمهلت ريثما تتعرف أكثر عن تقت وسوف وتحاول رصد قوة هذه المناطق وتحديد إمكانياتها ومدى صمودها أمام القوات الفرنسية الغازية , واعتبرت عملية الاستطلاع وجمع المعلومات أحد الأسلحة الفعالة التي رسمت على نوالها خططها وتحركات جيوشها.
ومن الرحلات الاستكشافية الأولية في وادي ريغ تلك الزيارة التي قام بها كل من دي شوفارييه و ماريوس قارن عام 1847, و بعدها بعام كلف براكس من قبل وزارة الحربية و التجارة للقيام برحلة سرية نحو الجنوب الجزائري فزار وادي سوف انطلاقا من تونس مرورا بتقرت و بسكرة , و نشر خلاصة رحلته في دراسة بباريس عام 1849 بعنوان " تجارة الجزائر مع مكة و السودان" وقد ضمن كتابـه المنشور معلومات هامة اعتمدتها الجيوش الفرنسية في تحركاتها نحو وادي ريغ و سوف و غيرها.
واستفاد من حصيلة تلك الرحلات الاستطلاعية الجيش الفرنسي في وضع الخطط للاحتلال المناطق المذكورة و التي ما زالت يومئذ خارج نطاق الاستعمار الفرنسي.
و تواصلت الرحلات ذات الطابع العسكري الاستطلاعي قبيل الانقضاض على سوف , إذ قدم إليها الملازم روز من الفيض واتجه نحو قمار رفقة مجموعة من القوم في سنة 1852,و كانت هذه المعلومات و غيرها في متناول يد الجيش الفرنسي حينما توغل في منطقة وادي ريغ و سوف ما بين سنتي 1854-1855 بقيادة العقيد ديفو.
المرحلة الثانية (1852-1854): الغزو الفرنسي لسوف
كانت مناطق الجنوب الصحراوي الجزائري حلبة للصراع و ميدانا ملائما للثائرين و خاصة الشريف محمد بن عبد الله الذي لقي في وقت مبكر مؤازرة من الثوار المحليين و ذلك مكنه من الهيمنة على خط يشمل عدة مدن و قرى ابتداء من الأغواط إلى ورقلة و أخيرا تقرت و سوف , و لم تستطع القوات الفرنسية أن تواصل توغلها نحو الحدود الجنوبية الشرقية المتاخمة لتونس عبر "وادي سوف" إلا بعد تطويق المنطقة المجاورة .
ولم يبق للفرنسيين يومئذ إلا احتلال القلعة الحصينة و الدرع الواقي الذي تحتمي خلفه "وادي سوف" وهي إمارة بني جلاب "تقرت" التي وضع الفرنسيون أمامها كل ثقلهم العسكري .
واثر احتلال الجيش الفرنسي لإمارة بني جلاب "تقرت" ترك العقيد ديفو بعض قواته بالمدينة للمحافظة على الأمن و قاد بقية القوات القادمة من باتنة و الأغواط و بوسعادة واتجه نحو وادي سوف في 10ديسمبر1854 وكان مضطر لسلوك طريق رملي صعب , كثير المنحدرات متعدد المسالك , تنتشر في كل جهاته الكثبان الرملية العالية , كما أن الرمال الرخوة تجعل عملية السير بطيئة عند الفرنسيين الذين اعتادوا على الأراضي الصلبة و الطرق المعبدة , إضافة إلى خلو هذا الفضاء من السكان و الأشجار و قلة المياه التي تتطلبها دوابهم بكثرة .
ورغم أن المسافة بين تقرت و سوف عبر الطريق الصحراوية غير معبدة لا تتجاوز 85 كم تقريبا , فان القوات الفرنسية استغرقت رحلتها 3 أيام , متخذة طريق الطيبات القبلية و هي موطن أولاد السايح الذين يشبهون أهل سوف , في طبيعة أرضهم و عاداتهم و تقاليدهم , وبعد استقرار خفيف واصلت الطوابير الفرنسية طريقها حتى وصلت إلى مشارف أول بلدة من قرى سوف تدعى تاغزوت وتوقفت, و دخل ديفو في مفاوضات شديدة أمام الطابور العسكري مع وجهاء المنطقة , وانتهت المفاوضات بالاتفاق على عدة أمور , حينئذ دخلت القوات الفرنسية إلى تاغزوت في 13 ديسمبر 1854 و تم استقبالهم من طرف الأهالي باطمئنان و رضا, وهذا ما صرحت به الكتابات الفرنسية مشيرة بذلك إلى استسلام سكان المنطقة بسهولة للقوات الغازية و الرضا بشروطهم بيسر , و لكن الرأي الوطني المحلي له وجهة نظر أخرى تفيد أن الصدام كان عنيفا بين الطرفين , فقد استمات سكان سوف و بذلوا أقصى ما عندهم من جهد و هذا ما أشار إليه صاحب الصروف بقوله :"ثم بعد أن نزلت المحلة بتقرت أخضعت أهلها ارتحلت متوجهة إلى سـوف لتخبر أهلها وبعد قتال بين الطرفين أياما عديدة في النخيل و السيوف تغلبت المحلة على سوف ." و حسب المصادر الفرنسية , فان العقيد ديفو قضى مدة 7 أيام بسوف . قضاها في صراع مع المقاومين , لكن الجدير بالتنويه في هذا المجال هو عدم التكافؤ القوى بين الطرفين , فالقوات الفرنسية امتازت بضخامتها و قوة تنظيمها , و قد ضمت قوات هائلة قدمت من باتنة و الأغواط و بوسعادة , إضافة إلى وحدة صفوفها و حنكة قيادتها وامتلاك أسلحة متطورة و كافية , مع إتقانها أساليب الحرب الحديثة . وفي مقابل ذلك كان المجتمع السوفي يعيش حياتا قبلية بدوية , وهذا ما جعل جهودهم مبعثرة في القرى و البوادي من جهة والافتقار لقائد يجمع أطراف البلاد يقودها في الحرب و السلم , فضلا عن قلة الأسلحة و فقدان خطة عسكرية محكمة لمواجهة عدو عنيد , ومن جهة أخرى فان الانكسار و الهزيمة التي لقيها الجند السوفي مع إخوانهم أهل وادي ريغ في موقعة المقارين وانسحابهم نحو منطقتهم, جعلت عملية الدفاع التي قاموا بها مجرد استجابة لواجب ودفاع عن الشرف والعرض وإرضاء للضمير ولو بأضعف مظاهر القوة التي يملكونها .
و لما عجزت القوات الأهلية في رد الزحف الفرنسي استجابة للمفاوضات التي مكنت هذه القوات من التقدم نحو كوينين و منها انتقلت إلى عاصمة سوف , مدينة الوادي في حدود 14 ديسمبر 1854 , ثم رجعت إلى تقرت يوم 22 ديسمبر 1854, لتقوم بتنظيم الإقليم وضبط شؤونه الإدارية بالاشتراك مع منطقة وادي سوف , فبادر العقيد ديفو بتعيين "علي باي" بن فرحات بن سعيد "قايد" على تقرت باسم فرنسا منذ 26 ديسمبر 1854 .
و عند رجوع القوات الفرنسية لم تترك في سوف أي اثر لها من القوات العسكرية لتحافظ على احتلالها , و ذلك جعل المنطقة محل صراع مرير و مقاومة متواصلة دامت قرابة 30 سنة , و لم تتمكن السلطات الفرنسية من الاستقرار النهائي بسوف إلا في منتصف الثمانينات عندما طوقت تلك المقاومات و قضت على زعمائها.
المرحلة الثالثة (1854-1872): المقاومات الشعبية بسوف و ردود الفعل الفرنسية
بعد انتهاء معركة المقارين 1854 , بهيمنة العقيد ديفو على تقرت و سوف , و تم تولية علي باي بن فرحات بن سعيد حاكما على وادي ريغ و سوف . ويومئذ التجأ الثوار إلى تونس و هم سلمان الجلابي و الشريف محمد بن عبد الله و بالناصر بن شهرة , بينما استفرغ العقيد ديفو جهده لأحكام السيطرة على وادي سوف خوفا من تحركات المقاومين المستقرين قريبا من الجهة , و ذلك دفعه إلى القدوم إليها في الخريف 1855 بطابور عسكري استقرت قواته يوم 6 ديسمبر بالدبيلة القريبة من حدود تونس , و بدا في جمع معلومات عن السكان و الثوار , فتأكد أن الثوار استقروا بنفزاوة التونسية , و بعد استكماله جمع المعلومات العسكرية اتجه نحو تقرت في حدود ديسمبر 1855 .
و قد وجه العقيد ديفو رسالة بتاريخ 12 ديسمبر 1855 الى كافة سكان وادي سوف و وادي ريغ يحذرهم من من يحاول اخذ أموالهم باسم حاكم بسكرة و ينبههم إلى التأكد من ختم الحاكم, و أعقب ذلك برسالة أخرى يوم 25 ديسمبر 1855 على شكل أمر عين بموجبه علي بن عمر بن سعيد خليفة على كافة وادي سـوف تحت إشراف القائد علي باي , واستمر ديفو في مراقبته للمنطقة و محاولة إضفاء نوع من الاستقرار عليها عن طريق المراسيم و الأوامر.
و كانت المنطقة تعاني الاضطرابات و بدأت تحركات المقاومين و خاصة سي النعيمي , و محمد بو علاق اليعقوبي , و بن ناصر بن شهرة و محمد بن عبد الله .
و قد تجددت المقاومة عندما قدم محمد بن عبد الله و بن ناصر بن شهرة من تونس وشاركا في ثورة أولاد سيدي الشيخ في 1864 , و لكن بسبب الاختلاف في وجهات النظر اعتزلهم محمد بن عبد الله وانسحب الى تونس لعدة سنوات . بينما استمر بن شهرة في المقاومة , بعدة جبهات في وسط الصحراء و في أطرافها المتاخمة للحدود الجنوبية و الشرقية . و كانت تربطه علاقة مع الطيب بن عمران الشعنبي , الذي كان مشهورا بجرأته و قوته , و قد جمع 264 من المحاربين من طرود سوف و شعانبة الوادي و عسكر بهم في جنوب ورقلة في فيفري 1864 لغزو تلك الجهات ثم التجأ كغيره من المقاومين الى تونس.
أراد الجنرال راندون في أواخر الخمسينات ضبط الحدود الشرقية للمنطقة , فتم انجاز خريطة سنة 1857 و لكن الحدود النهائية للعرق الشرقي الكبير لم تحدد لها معالم ثابتة , و إنما خضعت للتغير باستمرار خصوصا ما بين 1867-1870 , إذ بقيت الحدود غير واضحة بين سوف و جنوب شط الجريد .
و لكي يتحقق نوع من الهدوء في وادي سوف , شيد الفرنسيون عدة أبراج للمراقبة في الجهات الأربعة لسوف لتامين القوافل و المحافظة على الأمن , وهـذه الأبراج هي : برج الحاج قدورة في الجهة الشرقية , و برج بوشحمة في الشمال , بينما شيد في الجهة الغربية برجان , برج الفرجان , و برج مولى القايد لحماية الطريق الرئيسي بين تقرت و سوف .
و رغم كل الإجراءات السابقة , فان المقاومة اشتعلت مرة أخرى بوادي سوف و ما جاورها ممتدة من عين صالح الى ورقلة و تقرت و سوف و تبسه و نقرين بالشرق و بلاد الجريد و نفطه بتونس , وقاد هذه المقاومة بوشوشة و محي الدين بن الأمير عبد القادر.
المرحلة الرابعة (1872-1887): الاستقرار النهائي للفرنسيين في وادي سوف
انتهت فترة السبعينات من القرن 17 بتصفية فلول المقاومة الشعبية المسلحة بالجنوب , و الاستمرار في تهيئة الظروف للاستقرار في الجنوب الجزائري قريبا من الحدود التونسية التي كانت فرنسا بصدد التخطيط لاحتلالها , وتعتبر منطقة وادي سوف المتاخمة لتونس والمحاذية للجريد التونسي من أهم المواقع التي يمكن استغلالها لتامين ظهر الفرنسيين في شمال تونس .
و قد شارك الضابط ديبورتر في احتلال تونس سنة 1881 , ثم انتدب لسوف فقام بوضع أسس أول مكتب عربي بالمنطقة , و تم اختيار منطقة الدبيلة , القريبة من الحدود التونسية فكانت المركز الأول للاستقرار الفرنسي بوادي سوف . و من اجل حماية المنطقة و مراقبتها , اخذ عدد القوات الفرنسية في التزايد , فقدم طابور عسكري آخر سنة 1882 بقيادة الضابط "فونتوبريد" واستقر أيضا بالدبيلة ,و تشكل مركز بهذه المنطقة, و تم تأسيس برج صغير للحراسة بقي ثابتا بالدبيلة, واستمر الى سنة 1887 رغم تناقص أفراده يومئذ . و الجدير بالذكر أن الإدارة الفرنسية بدأت عملية استقرارها بقوة في مدينة الوادي عاصمة الإقليم خلال سنة 1882 .
و يعتبر النقيب فورجس (1886-1887) ثاني حاكم عسكري لملحقة الوادي و الذي خلف الضابط "جانين" , و قام باستقدام المجموعات العسكرية الصغيرة من حامية الدبيلة و جعلها تستقر بالمحلات التي أعدت لها بالوادي قرب البناء الخاص بمكتب الشؤون الأهلية , و مثلت تلك المحلات أول ثكنة عسكرية بوسط مدينة الوادي .
المبحث الثالث: احتضان وادي سوف للمقاومين و دعمها لهم
المطلب الأول: وادي سوف الملجأ الآمن للمقاومين
لقد ساعد الموقع الجغرافي لوادي سوف و الامتداد الرملي الشاسع و المناخ القاسي الذي تميزت به , على عزل هذه المنطقة مؤقتا , جعلها الملاذ الآمن الذي يأوي إليه المقاومون الشعبيون بعد انتهاء معاركهم فيستقرون من اجل استرجاع الأنفاس و تجديد روح المقاومة و الإعداد للمعركة الجديدة . و أخذت المنطقة هذه الصفة منذ القدم , و قد أشار الى ذلك العدواني في تاريخه بالقرن 17 , في قصة العش عندما عزم على الهروب من تونس الى سوف قال لأبنائه : "عليكم بسوف فهي أم الهارب ".
و قد التجأ إليها في القرن 19 الحاج احمد باي قسنطينة خلال شهر ديسمبر 1837 أثناء صراعه مع فرحات بن سعيد , وانسحب هذا الأخير مرة أخرى الى سوف بعد هزيمته في معركة ضارية مع الحاج احمد باي عام 1838 .
أما خليفة الأمير عبد القادر محمد الصغير بن عبد الرحمن الذي أبدى مقاومة باسلة في مواجهة الفرنسيين فانه اضطر الى الانسحاب نحو سوف بعد احتلال الفرنسيين لبسكرة سنة 1844 , و بعد الاحتلال الفرنسي للأغواط و ورقلة سنة 1853 التجأ بن ناصر بن شهرة للجريد التونسي عبر سوف .
و بعد احتلال تقرت سنة 1854 لذ حاكمها الشيخ سلمان بالفرار لتماسين فاختفى بها أياما ثم انتقل الى سوف فنزل بالـوادي و مكـث مدة ثم التجأ الى تـونس ,وكذلك فعل الشريف محمد بن عبد الله الذي التجأ الى الوادي , ومنها واصل رحلته الى الجريد التونسي و بقي بها الى سنة 1858 .
كما لجا إليها الثائر الليبي غومة المحمودي الذي كان في صراع مع حكام طرابلس و تونس , و قد أفضى صراعه مع الوالي علي باشا عام 1841 الى انهزام و تراجع نحو الجنوب , فاحتضنته وادي سوف ما بين عامي 1841-1842 إذ وجد المؤازرة من سكانها و خاصة قبيلة طرود و مكث بينهم معززا مكرما الى 1842 , لكن حدوث وباء بالمنطقة اضطر غومة الى مغادرة سوف نحو بلاده , فدخل مع الباي في صراع في جنوب تونس أفضى الى صدام عسكري وانتهى الى اعتقال غومة و الحكم عليه بالإعدام , إذ تذكر القصص الشعبية المتداولة في سوف أن الباي طلب منه أن يتمنى كل ما يريده قبل أن ينفذ فيه حكم الإعدام فكانت أمنية غومة هي الاعتراف بالجميل لأهل سوف , و تمنى أن يموت بأرضهم , و جسد موقفه هذا في أبيات من الشعر الملحون قال فيها غومة :
اتمنيـــت مماتي في الــواد و في الصحــن بحــدا مـراد
و تخرج يا باي تتفرج على ضرب الزناد
اتمنيت مماتي جات بين النزالي و تخرج تونس بعساكرها تشالي
حــتى يولــي الدم على البـــدالي
اتمنيت مماتي جات في سـوف و تخـرج يا بـاي يا سفسـوف
وانـذوقك كـــــاس الحتـــوف
عندئذ تأثر الباي بهذا الموقف النبيل , و القول الشجاع الصادر من بطل لا يخشى لومة لائم , فعفى عنه و أطلق سراحه , فالتجأ الى وادي سوف في خريف عام 1856 , و كانت سوف حبيبة على قلبه , و من فرط حبه لها سمى ابنه المولود عام 1857 بأرضها بجهة (عميش), باسم "محمد السوفي" أو "محمد سوف".
و قد أزعج استقرار الشيخ غومة بأرض سوف السلطات الفرنسية , لأنه يحيي في نفوس السكان روح المقاومة , و حينذاك كانت السلطات الفرنسية تسعى لتوطيد أقدامها في المنطقة ففاوضت غومة سنة 1857 بوادي سوف , و عرضت عليه تسليم سلاحه , و لكن نفسه العزيزة أبت ذلك و فضل العودة الى بلاده ليواصل مسيرته في المقاومة التي نذر نفسه لها منذ أمد طويل .
المطلب الثاني: دعم وادي سوف للمقاومين
ساهمت وادي سوف مساهمة فعالة في دعم المقاومين بشتى أنواع الدعم المادية و البشرية , ساعدها في ذلك مجاورتها لأسواق السلاح المجاورة لها في تونس و طرابلس . و قد نشط المقاومون في عملية جلب الأسلحة و الذخائر من هذه الأسواق و منهم بوشوشة و محمد بن عبد الله و بن ناصر بن شهرة و محي الدين بن الأمير عبد القادر , و كانت يومئذ منطقة سوف و بلاد الجريد من أهم معابر قوافل السلاح الى المقاومين , مثلما فعل بوشوشة عام 1871 .
و قد أزعج هذا الفعل السلطات الفرنسية التي عرفت بهذا الأمر عن طريق الجالية اليهودية في تونس , و التي تم إقناعها فامتنعت عن بيع الأسلحة للثوار .
و أثناء حركة المقاومة التي قادها محي الدين بن الأمير عبد القادر بالمنطقة الجنوبية في الخط الممتد من طرابلس مرورا بسوف الى نفطه التونسية أشارت تقارير الإيالة التونسية عن تنقل قوافل السلاح في هذه المنطقة .
و قد عثر الفرنسيون على بطاقات صادرة من زاوية نفطه للمقدم إبراهيم بن عبد الله يحث فيها الناس على جمع الأسلحة و محاربة الفرنسيين . و وصلت هذه البطاقات و الرسائل الى مدينة تقرت و وادي سوف . و كانت قبيلة الشعانبة بسوف ذات نشاط واسع في عملية شراء الأسلحة و توفير الذخائر و جلبها من الجريد التونسي عبر سوف لتكون وقودا للمعارك . و الى جانب السلاح كانت المقاومة في حاجة الى التموين المالي و المادي بفرض الضرائب و الإتاوات أو الإغارة على الإبل و الأغنام و أخذها عنوة من طرف المقاومين و خاصة الحكام المحليين واعوان الإدارة الفرنسية . ففي عام 1850 قدم الشريف محمد بن عبد الله من الحج الى طرابلس ومنها اتجه عب غدامس الى سوف , واستقر في ورقلة وقاد منها حركة المقاومة التي احتاجت إلى الأموال , فرجع الى سوف قبل معركة المقارين لجمع الإعانات من السكان .
أما اخذ الأموال عنوة فله صور عديدة منها حدث " ... سنة 1865 عندما أغار أولاد يعقوب بمعية الثائر بن ناصر بن شهرة على أناس طرود رجلين ".
ولما كان بوشوشة يلاحق زمالة " علي باي"قدم الى سوف في 8 مارس1871 واتجه الى قمار وقد فاوضه أهلها على الرجوع مقابل مبلغ من المال قدمه له شيخ الزاوية التيجانية محمد الصغير من اجل حقن الدماء وحفظ الأموال .
ولم يتخلف سكان وادي سوف أيضا عن دعم المقاومين بالرجال سواء في جيش غومة المحمودي الذي شكل السوافة جزء هاما من جيشه , واستمرت مناصرتهم له في قتاله الى معركته النهائية , أو ضمن جيش بوشوشة الذي انضم إليه العديد من أهل سوف سنة 1871 عندما غادر مدينة قمار أثناء صراعه مع أتباع علي باي .
واستمر جيش بوشوشة يقاتل أعوان علي باي في الزاب تحت قيادة بن ناصر بن شهرة بمؤازرة قبائل طرود و الشعانبة من سكان وادي سوف .
وإذا كانت وادي سوف محطة للتزود , و معبر للسلاح و رجال المقاومة الشعبية, فان زاوية "مصطفى بن عزوز" بنفطه كانت على صلة وثيقة بأهل سوف و رجال المقاومة الذين يمرون بالمنطقة و يستقرون بهذه الزاوية التي صارت مركزا للراحة , و قاعدة عسكرية ينطلق منها الثوار نحو الجنوب , لمقاومة أعوان الاستعمار في وادي ريغ و الزاب و ورقلة و الأغواط, أو نحو تبسه و نقرين من الجهة الشرقية .
و قد دفع هذا العمل السلطات الاستعمارية الفرنسية الى تكثيف متابعاتها للثوار في هذه المنطقة, و كان لها سعي حثيث و عمل جاد , من اجل إحكام السيطرة على وادي سوف تمهيدا لاحتلال تونس
_________________
أما واعدتني يا قلب أني ... إذا ما تبت عن ليلى تتوب
فها أنا تائب عن حب ليلى ... فما لك كلما ذكرت تذوب
امر على الديار ديار ليلى ... اقبل ذا الجدار وذا الجدار
وماحب الديار شغفنا قلبى ... ولكن حب من سكن الديار
http://www.m0dy.net/vb/uploaded/138371/01192124427.bmphttp://24.img.v4.skyrock.net/24e/ade...92418068_1.gifالفراق ... حزن كلهيب الشمس يبخر الذكريات من القلب ليسمو بها
الى عليائها فتجيبه العيون بنثر مائها .. لتطفيء لهيب الذكريات ..
الفراق ... نار ليس للهبه حدود .. لايحسه إلا من اكتوى بناره..
الفراق ... لسانه الدموع .. وحديثه الصمت .. ونظره يجوب السماء ..
الفراق ..هو القاتل الصامت .. والقاهر المييت .. والجرح الذي لا يبرأ .. والداء الحامل لدوائه ..
الفراق ...كا الحب تعجز الحروف عن وصفه وإن أبينى تفرقا..
الفراق .. كالعين الجاريه التي بعد ما أخضر محيطها نضبت